كلمة العميد الإرشادية
معهد اللاهوت في 3 أيلول 2019
سنة دراسية جديدة تطل علينا في معهد القديس يوحنا الدمشقي في جامعة البلمند نستهلها برفع آيات التسبيح والتمجيد والشكران للإله الواحد في ثلاثة أقانيم، علةِ وجودنا وغايةِ حياتنا.
نشكر الله الذي يجمعنا في هذا المكان الشريف، تلة البلمند المباركة، طلابًا وخدامًا ومعلمين لنتسلم الوديعة الغالية وديعة لاهوت الإنجيليين الأربع، وتلاميذ المسيح الصيادين، وآباء الكنيسة المستنيرين بالروح القدس الساكن فيهم. نشكره لأننا نختبر في هذا المكان افتقاده لشعبه، لكنيسته المجيدة ولكل من يشاء من كل قلبه أن يكرس النفس والقلب لمحبته وخدمة اسمه القدوس.
معهدنا في البلمند مدرسة في التكريس. مشتل رجال الكنيسة وكلية للاهوت. رسالة المعهد الأولى هي إعداد الكهنة والمعلمين في الكنيسة، إعداد القادة الخدام بكل ما تستلزمه هذه الحرفة من ورع ومعرفة وتدريب وروح تفانٍ. وهو مكان تهيئة لاهوتيي الكنيسة وباحثيها والمعلمين فيها بكل ما يحتاجه اللاهوتي من صلاة وفكر ونقد وتمييز ومنهجية في البحث والتعبير.
والمعهد نافذة مفتوحة على العالم وعلى رياح العصر. تستقبل بترحاب ودراية أشعة التغيير لتميز ما يبني ويوافق عما هو نافل وشكلي بل مضرّ في بعض الحالات.
محور تفكّرنا في المعهد هو الإنسان. الإنسان في حاجاته الحقيقية لا الزائفة، وفي تطلعاته وأشجانه وأفراحه وأتراحه. غاية لاهوتنا خدمة الإنسان. وهذا ما نتعلمه من سر تجسد ربنا ودنوه من الإنسان حتى الإلتصاق الكامل به.
الرب أتى "ليخدم لا لكي يُخدَم" ونحن نسعى للاقتداء بتدبيره هذا. نسعى لأن نرنو إلى المجتمع بعين الصداقة والإخاء، ولأن نصغي إلى الناس وتعابيرهم، ما أعجبنا منها وما لم يعجبنا، بحرص وتأنٍّ لأننا نتطلع إلى قلب الإنسان مؤمنين أنه على صورة الله الناطقة بأسراره.
الإصغاء إلى الآخر في اللاهوت تقص لمشيئة الله ولأحكامه ومشورته العادلة. لذا نتقرى وجه المسيح في الآخر، في وجه قريبنا، كما يعلمنا الإنجيل، ونهتدي بالالتجاء الدائم إلى المعونة الإلهية إلى كل ما يلهم الرب كنيسته به.
اللاهوت الأرثوذكسي استدعاء مستديم للروح القدس، Epiklesis، يقوم على عمل التوبة والتنقي والهذيذ بوصايا الرب والاستنارة بكتابه. لاهوتنا في البلمند ركوع وترنيم، واعتراف وشكران، وسهر مع تعب في الخدمة. "لئلا تلام الخدمة" كما يعلمنا الرسول بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس:
"وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ. بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ: فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، في طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَارِ. بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ، كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ، كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ". (2 كو 3 - 10).
أصلي يا إخوتي لكي يبارك الله سنتنا الدراسية المقبلة ويهبنا ما يبني وما فيه خير الكنيسة والمجتمع والإنسان، لكي نكون شهودًا أمناء لمجد اسمه القدوس.
كل عام وأنتم بخير.